تقارير

أسواقٌ مكتظةٌ بالفوضى في تعز

محمد محروس:

في طريقك إلى الضفة الأخرى من مدينة تعز (جنوبي غرب اليمن)، عليك أن تمر من الشارع المحاذي للسوق المركزي وسط شارع جمال، الشريان الذي تتفرّع منه معظم شوارع المدينة حاليًا، وهو ما بات يطلق عليه المرور من “عنق الزجاجة”. وتُفضّل ربا جعفر، ناشطة مجتمعية، العبور من شوارع جانبية وأخرى في أطراف المدينة، على المرور من شارع جمال، بسبب الازدحام الشديد في حركة السير، وأكوام القمامة المتكدسة، وروائح الصرف الصحي الناتجة عن الانفجار شبه اليومي لغرف المجاري.

“لا أطيق المرور من هناك، كل ما أراه يزعجني نفسيًا، وأعاني كثيرًا بسبب الاختناق وما يترتب عليه”، تقول جعفر. ويشتكي مواطنون من سوء تنظيم الأسواق وعملية توزيعها وفق النطاق الجغرافي والكثافة السكانية في المدينة، لتخفيف الضغط على الأسواق الحالية، ومنها أسواق بيع القات التي تشكّل هي الأخرى عائقًا كبيرًا للحركة المرورية والنظافة والتحسين، وحتى صحة البيئة.

اختناقات مرورية

وعلى الرغم من أن السوق المركزي يقع في النصف الشرقي من شارع جمال، إلا أن الازدحام المروري يمتد من جولة العواضي غربًا إلى جولة الإخوة شرقًا، ومن منتصف شارع التحرير الأسفل شمالًا إلى منطقة الباب الكبير جنوبًا، يستمر عادةً طوال ساعات النهار، وتصل ذروته خلال ساعات الظهيرة.

وتعاني مدينة تعز من اختناق مروري في معظم شوارعها نتيجة الإطار الجغرافي الضيق، وازدياد الكثافة السكانية بفعل الحرب الدائرة منذ 6 سنوات، وهو ما أدى إلى ظهور مشاكل عدة، من بينها الأسواق التي يأمل المواطنون التوصل لحلول جذرية تُنهي سنوات المعاناة المرورية والصحية والبيئية، وحتى ما له علاقة بوجه مدينتهم، ولعل ذلك يكون قريبًا. ويقتصر دور رجال المرور على تنظيم الحركة المرورية، وضمان سلاستها، كما يقول العقيد عبدالله راجح، مدير إدارة شرطة السير بمحافظة تعز، لكنه يوضح بالقول: “نعمل مع الجهات ذات العلاقة على الوصول لحلول مجدية، فعدم تنظيم السوق، وخروج المحلات إلى جنبات الشارع، أعاقنا عن القيام بعملنا بصورة كافية. نشعر بالعجز لأننا لا نجد التعاون الكافي، ولا توجد إجراءات رادعة مع توفير بدائل ملائمة وممكنة”.

يُضاف إلى تلك المعاناة، انتشار عشرات المحلات المؤقتة لبيع الخضار والفواكه والملابس والأدوات المنزلية، على جنبات الشارع ووسط الجزر في المنتصف، في مشهد يبعثر جماليات المدينة، ويسهم في تكدس القمامة، وإرهاق المارين باستمرار، فضلًا عن إعاقة الطواقم الطبية، وطلاب المدارس والجامعات، من الذهاب والعودة في الوقت المحدد.

التكدس الدائم للقمامة بسبب المخلفات الناتجة عن السوق وما فيه، بما في ذلك الصلبة، وتلك التي يرمونها على جزر الشوارع، وما ينجم عنها من تشويه للشارع ولجمالية المدينة عمومًا، كما يقول عرفات جامل، نائب مدير صندوق النظافة والتحسين في المحافظة.

ويبيّن جامل أن “مخلفات الأسواق في ازدياد، فمن بين نحو 150 طنًا المخلفات اليومية في تعز، 70 طنًا من الأسواق، 20 طنًا من السوق المركزي وحده، وكلما قمنا بنقل المخلفات تعود على الفور، وكأننا لم نفعل شيئًا”.

ويقول: “هناك أسواق استُحدِثت خلال فترة الحرب، وتذهب جباياتها لنافذين، ولا يوجد أي تنسيق مع الجهات الحكومية المختصة، حتى تكاليف نقل المخلّفات نقوم بتغطيتها نحن؛ حتى لا تتسبب في تراكمات تكون سببًا لكوارث بيئية”، مؤكدًا على تجاوز العديد من الباعة وتعمّدهم الخروج إلى الشارع والاكتفاء بمحلاتهم الرسمية كمخازن خلفية على حساب الشارع والتراكمات التي يخلّفونها دون تنظيف.

مبادرة مجتمعية

ويعكف فريق شبابي على إعداد ورقة سياسات عامة متعلقة بمعالجات تلك المشاكل، على أن يتم تقديمها كعريضة حل يمكن البناء عليها من قبل السلطة المحلية في المحافظة.

وتقول علا الأغبري، المدير التنفيذي لمؤسسة شباب سبأ للتنمية وبناء السلام، إن الفريق الذي تم تشكيله بعد دورة تدريبية في صناعة السياسات العامة، يعمل بوتيرة عالية للوصول إلى حلول عملية ومرنة وقابلة للتنفيذ، وفق منهجية النزول الميداني والجلوس مع المعنيين الحكوميين وفي السوق وحتى المواطنين، وستخرج كذلك بتوصيات سيتم تقديمها للسلطة المحلية.

وتعوّل الأغبري على الورقة المرتقبة للمساهمة المجتمعية في حل ما تعتبرها إحدى معضلات تعز الدائمة، كما هي رسالة مهمة لأهمية الدور الذي يجب أن تقوم به المؤسسات المحلية والمنظمات الدولية على مستوى معالجة الإشكاليات المرتبطة بالحياة اليومية، ولهذا أثر سينعكس إيجابيًا على الطابع الشعبي برمته، وفق قولها.

بدائل ممكنة

ويكمن الحل لمشكلة الأسواق في إعادة مسؤوليتها وصلاحية التعامل معها للإدارة العامة للأشغال والطرق مع تفعيل عملية الضبط الفوري، وتحديد بدائل متاحة تحت نظر السلطات المحلية، مع إمكانية فتح الباب لمستثمرين ومتعهدين بالشروط التي تراها الجهات المسؤولة، بحسب المهندس عبدالله القدسي، نائب مدير مكتب الأشغال العامة والطرق بمحافظة تعز، موضحًا لـ”المشاهد” بالقول: “هناك بدائل عدة للباعة الجائلين يمكن البدء بها في سائلة القمط، شرق المدينة، وشارع ديلوكس، والسائلة الخلفية التي يمكن تحويل أعلاها لسوق جاهز لاستقبال عشرات الباعة، إضافة لفرزة الحوبان سابقًا، فقط يبدأ العمل على ذلك وسيتوفر الحل”.

*المصدر: المشاهد نت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق