هناك تغير مثير للاهتمام في نظرة الأمم المتحدة للهجوم على مطار عدن الدولي جنوب اليمن، والذي أودى بحياة 27 شخصًا، بينهم صحفي، وإصابة 110 آخرين. معظم ضحايا القصف مدنيون، بينهم وكيلة وزارة ونساء أخريات.
في البداية، قال المبعوث الأممي مارتن غريفيث، إن الهجوم على مطار عدن الدولي أثناء وصول الحكومة اليمنية الجديدة، عمل عنيف وغير مقبول.
وعقب اتصال مع وزير الخارجية في الحكومة اليمنية الجديدة المعترف بها دوليًا أحمد بن مبارك، قال غريفيث، في بيان، إن الهجوم على مطار عدن الدولي يعد انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، قد يرقى إلى جريمة حرب.
ووصف الهجوم على مطار عدن بأنه هجوم مروع، وأضاف أن استهداف المدنيين والأعيان المدنية يمثل انتهاكًا للقوانين الدولية، وجريمة حرب.
الحكومة، من جانبها، طالبت بتحقيق دولي في الهجوم، وبتصنيف جماعة الحوثي جماعة إرهابية.
وقال رئيس الوزراء معين عبدالملك، إن الدلائل الأولية تشير إلى أن الهجوم وقع بصواريخ موجهة، وأضاف أن لدى الحكومة معلومات استخباراتية عن وجود خبراء إيرانيين تولوا عملية إطلاق الصواريخ الموجهة.
ويعتقد أن جماعة الحوثي أطلقت صواريخ بشكل متزامن من منطقة الجند (شرق تعز)، ومن محافظة ذمار (وسط البلاد) باتجاه مطار عدن الدولي، بالتزامن مع وصول طائرة الخطوط الجوية اليمنية التي أقلت رئيس الوزراء وأعضاء حكومته إلى العاصمة المؤقتة عدن.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا لصواريخ قالوا إنها انطلقت من محافظتي تعز وذمار.
وقال بن مبارك إنه سيتم كشف الأدلة عقب انتهاء التحقيقات، مشيرًا إلى تورط الحوثيين في الهجوم.
ووجه ناشطون انتقادات للحكومة بعد الهجوم، بسبب قلة حرصها، والإفشاء المسبق، وبشكل دقيق، للمعلومات عن موعد عودتها إلى عدن، ورحلتها، وهي معلومات انتشرت قبل أيام على وصولها إلى أرض الوطن، بهدف ممارسة مهامها من الداخل.
كما انتقد ناشطون السلطات المحلية والحكومية والتحالف العربي بقيادة السعودية، لعدم اتخاذ تدابير أمنية كافية.
لجنتان للتحقيق في الهجوم
وباشرت لجنة التحقيق في الهجوم على مطار عدن، التي شكلها رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، برئاسة وزير الداخلية اللواء إبراهيم حيدان، عملها على الفور. كما قامت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، بإرسال فريق باشر تحقيقات ميدانية في مسرح الهجوم، وقام بأخذ عينات من بقايا المقذوفات لعرضها على خبراء عسكريين.
وأجرى فريق اللجنة مقابلات مع عدد كبير من الشهود والضحايا من المصابين وشهود العيان، واستمع لشهادات عدد من مسؤولي مطار عدن الدولي.
ومن المقرر الكشف عن نتائج التحقيقات من قبل الحكومة في الأيام المقبلة.
حسن إيرلو يزور ضريح الصماد
وفي تحرك متزامن، انتشرت صور للقيادي بالحرس الثوري الإيراني حسن إيرلو، والمعين من قبل طهران سفيرًا لها لدى جماعة الحوثي بصنعاء، وهو يزور ضريح صالح الصماد، في صنعاء.
وكان الصماد رئيسًا للمجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثي، وقتل في مدينة الحديدة في غارة جوية للتحالف.
وقام إيرلو بزيارة الضريح، بعد ساعات على الهجوم الصاروخي الذي استهدف الحكومة اليمنية الجديدة عند وصولها إلى مطار عدن الدولي، صباح الاربعاء 30 ديسمبر 2020.
وعلق مراقبون وناشطون في قنوات إخبارية ومواقع التواصل، قائلين إن القصف بهذه الدقة، يحمل رسالة عن نفوذ إيران وقدراتها النوعية، موجهة لأطراف خارجية على خلفية التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، الذي يزداد احتدامًا في المنطقة.
من جانبه، غرد محمد علي الحوثي، رئيس اللجنة الثورية في جماعة الحوثي، قائلًا إن جماعته حققت أخيرًا ما سماه “توازن الردع”.
زيارة إيرلو لضريح الصماد، وتغريدة الحوثي تعليقًا على الهجوم، وصفتا بأنهما تلميحات وإشارات واضحة عن الضلوع في الهجوم، غير أنه على المستوى الرسمي، نفى المكتب السياسي للحوثيين مسؤولية الجماعة عن الهجوم.
وأدانت وزارة حقوق الإنسان في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليًا، ما وصفته بـ”العمل الإرهابي الجبان، الذي نفذته أيادٍ آثمة في مطار عدن الدولي، الأربعاء الماضي، ما أدى إلى سقوط مدنيين”.
وأكدت في بيان أن هذا “العمل الإجرامي” جاء نتيجة ممارسات ما سمتها دول تحالف “العدوان” “المستمرة لتمزيق النسيج الاجتماعي في المحافظات الجنوبية، وإشاعة الفتنة والعبث بأرواح المواطنين ومقدرات اليمن”.
قصف صالة عرس في مدينة الحديدة
لم تمضِ 72 ساعة على الهجوم على مطار عدن، في اليوم قبل الأخير من عام 2020، حتى شهدت مدينة الحديدة مجزرة أخرى بلغ عدد ضحاياها 14 من المدنيين، معظمهم نساء.
وقع الهجوم على صالة أعراس في شارع المطار بمدينة الحديدة، أثناء إقامة عرس لفتاة في أول أيام العام الجديد. لكن ونتيجة سقوط قذيفة مدفعية على صالة العرس المكتظة بالنساء، مساء الجمعة 1 يناير 2021، تحول من عرس إلى مأتم.
تسبب القصف بمقتل 5 نساء ورجلين أحدهما خال العروس، وإصابة 4 نساء أخريات و3 طفلات.
وكانت حصيلة الضحايا تلك أولية، وفقًا للمركز الإعلامي لألوية العمالقة الموالي للحكومة، التي اتهمت جماعة الحوثي بالوقوف وراء القصف.
لكن مواقع ووسائل إعلام تابعة للحوثيين، اتهمت القوات الموالية للرئيس هادي والتحالف، بالقيام بقصف صالة الأعراس.
ووسط تبادل الاتهامات بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي، يتبادل الطرفان أيضًا تهمًا بارتكاب خروقات يومية لاتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة بموجب اتفاق ستوكهولم الذي وقع في ديسمبر 2018.
ورغم الحدث الجديد في الحديدة، بقي الهجوم على مطار عدن الدولي محور اهتمام وتنديد دولي وإقليمي واسع.
تنديد أممي ودولي
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ندد بالهجوم على مطار عدن الدولي، ودعا للعمل على استئناف المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى سلام شامل وحل للنزاع.
العديد من الدول أدانت الهجوم، واستنكرت محاولة استهداف الحكومة اليمنية الجديدة.
حيث أدانت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والاتحاد الأوروبي واليونان وتركيا ودول أخرى، الهجوم، واعتبرته عملًا إرهابيًا وعنفًا غير مقبول.
وأدانت كل من السعودية وقطر والإمارات وسلطنة عمان ومصر والأردن وغيرها من الدول، الهجوم على مطار أثناء وصول طاقم الحكومة اليمنية التي تم تشكيلها حديثًا.
رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، أدان الهجوم الإرهابي على مطار عدن الدولي، وندد بمحاولة استهداف الحكومة اليمنية الجديدة.
الجامعة العربية قالت إن الهجوم على مطار عدن، عملٌ إرهابي جبان يستهدف تخريب الاتفاق السياسي الذي جرى التوصل إليه مؤخرًا برعاية الرياض، والذي تم بمقتضاه تشكيل الحكومة الجديدة، ورأب الصدع مع المجلس الانتقالي بالجنوب.
واتهم رئيس البرلمان العربي عادل العسومي، جماعة الحوثي “بتنفيذ الهجوم الإرهابي”، ودعا إلى دور دولي رادع.
وما بين الهجوم على مطار عدن الذي أسفر عن 173 بين قتيل وجريح، بينهم اثنان من موظفي الصليب الأحمر الدولي، وقصف صالة أعراس بمدينة الحديدة، تعيش اليمن حالة من التصعيد غير المسبوق للعمليات القتالية والعمليات الهجومية بالصواريخ الباليستية والموجهة، إضافة إلى تزايد حالات ضبط ألغام بحرية منتشرة في البحر الأحمر.
*المصدر:المشاهد نت