تقارير

ذمار: المرأة الريفية تتعامل مع البقرة كأحد أبنائها

ضياء حسين

تتذكر الخمسينية فاطمة عبدالله الآنسي، سنوات عمرها الـ30 التي أمضتها بالاعتناء ورعاية الأبقار، قبل أن تنتقل للعيش مع أبنائها في مدينة ذمار (جنوب العاصمة صنعاء)، قائلة: “بدأت بالاعتناء بالأبقار في منزل والدي وأنا في سن الـ12 من العمر، ثم في منزل أسرة زوجي، حيث كنت أعتني بالبقرة حتى سن الـ40 من العمر”، مضيفة أن البقرة كائن جميل وفي، ولا يعرف حقيقتها إلا من رباها منذ صغرها.
وتمتلك الكثير من الأسر الريفية بقرة أو اثنتين تعتمد عليها في اللبن والسمن، وفق حسين راجح، أحد سكان مديرية المنار الواقعة شمال غرب محافظة ذمار، مشيرًا إلى أن ما تنتجه الأبقار ضروري للحياة الريفية، خصوصًا اللبن. وتتعامل المرأة الريفية مع البقرة كأحد أبنائها.

تعرف متى تمرض ومتى تشبع ومتى تجوع. علاقة عشق تنتهي بوفاة إحداهما.

ويسرد راجح قصة امتناع بقرة في مديريته عن الأكل بعد موت المرأة التي كانت تعتني بها، لتموت بعدها بفترة قصيرة.
“محصنة، نجمة، نجيمة، معجبة، ربيعة، حمامة”، وغيرها الكثير من الأسماء التي يتم إطلاقها على الأبقار، من قبل ربات المنزل في الأرياف اليمنية، لينشأ بين الطرفين تفاهم يتوطد بشكل متواصل.
ويصل عدد رؤوس الأبقار في محافظة ذمار، إلى 197,968 رأسًا، وفق كتاب الإحصاء والمعلومات الزراعية في المناطق الريفية، الصادر في 2019، عن وزارة الزراعة الخاضعة لحكومة صنعاء.

ويرى المهندس الزراعي عبدالرحمن صالح الأسلمي، أن البقرة بالنسبة لربات المنزل في المناطق الريفية، تضاهي ثروة كاملة.
وقال الأسلمي : “جل الأسر في الأرياف هي أسر فقيرة تعتمد على الرعي أو الزراعة، ووجود الأبقار يوفر عليها الكثير من متطلبات الحياة اليومية، وتتم تربية الأبقار إما لبيعها أو الاستفادة من عجولها ومن حليبها، مضيفًا أن وجبة الإفطار في المنازل الريفية اليمنية، بخاصة المناطق الجبلية، تعتمد أساسًا على اللبن.
ومن النادر أن تنشأ مزارع لتربية الأبقار بشكل استثماري في المناطق الريفية، لعدة أسباب، منها تكاليف الأعلاف، وانخفاض إنتاج الحليب لسلالات الأبقار المحلية، وصعوبة توفير سلالات الأبقار الاجنبية، في مقدمتها “الأبقار الهولندية”، وصعوبة تسويق الحليب ومشتقاته، وتدني الإقبال على اللحوم الحمراء للأبقار الكبيرة، بحسب الأسلمي.

وأكدت دراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في اليمن، عام 2015، أن اليمن يستورد أكثر من 90% من حاجته من الألبان، وما يتم إنتاجه في اليمن لا يتجاوز الـ10%، مشيرة إلى أن 85% من مربي الأبقار يصنفون على أنهم “فقراء أو فقراء جدًّا”.

ومنتجو الحليب في القرى الريفية، يمتلكون عددًا صغيرًا من الأبقار، وينتجون الحليب للاستهلاك المنزلي، وتوزيع الحليب مجانًا على الجيران والأقارب، ويستخدمونه أيضًا لتصنيع السمن بحسب الدراسة نفسها.

 

*المصدر: المشاهد نت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق