مانشيت-متابعات
سميحة المتوكل امرأة في الأربعين من عمرها، تحب القهوة منذ طفولتها، ما دفعها إلى اقتحام مهنة محتكرة على الرجال في بلدها، لتكون بذلك أول امرأة يمنية تعمل في تجارة وتسويق البن اليمني.
سميحة المولودة في محافظة حجة شمالي غرب اليمن 1978, تمكنت من إنشاء شركة خاصة بها عام 2009، لتُعرّف العالمَ من خلالها على البن اليمني، وتسوّق المنتجات المحلية في العديد من دول العالم، رغم الصعوبات والمعوقات التي واجهتها.
المتخرجة من كلية الاقتصاد بجامعة صنعاء، عام 2000, أضحت تصدّر البن اليمني إلى أمريكا والعديد من الدول الأورويية، من خلال علامتها التجارية Queen
“اخترت علامة Queen Of Mocha إذ رأيت نفسي فعلًا ملكة القهوة في اليمن؛ لأنني المرأة الوحيدة التي تصدّر القهوة اليمنية وأول من بدأت كامرأة في مجال تصدير القهوة على حد علمي، ولأن هذا الاسم أعجبني وأرى أنني جديرة به”.
كسر الاحتكار.. النساء هنا
“واجهتني الكثير من المعوقات التي بدأتْ بعدم تقبل الأسرة لعملي في تجارة البن ودخولي عالم الرجال والسفر، ونظرة المجتمع نفسه؛ كون تجارة البن في اليمن حكرًا على الذكور، وما زالت المعوقات تواجهني نظرًا للحرب القائمة في البلاد، ناهيك عن عدم تقبل الرجال التعامل معي لكوني امرأة”، تقول سميحة لـ صوت إنسان.
تضيف: “الرجال في المجتمع اليمني لا يحبذ التعامل مع المرأة لقلة الثقة بها، لعدم وجود نساء عاملات في هذا المجال، وكان هناك استهتار ولا مبالاة عند التعامل مع الأنثى، ولكن في الأخير فرضت نفسي في السوق، وأثبت جدارتي”.
عاشقة البن لم تستسلم
كانت سميحة تصدر البن إلى عديد دول العالم بكل سلاسة، وبكميات بسيطة، عبر المنافذ والمطارات اليمنية، حتى قررت دول أوروبية عدم استقبال الطرود القادمة من اليمن! وإذ شكّل الخبر صدمة، ذهبتْ للبحث عن بدائل أخرى تضمنت إحداها إرسال شحناتها أولًا إلى سلطنة عّمان المجاورة, شرق البلاد, ومنها إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
شكل عام 2011 منعطفًا عسيرًا أدخل اليمن مرحلة اللا استقرار، تزامنًا مع اندلاع ثورات الربيع العربي, قبل أربع سنوات من دخول البلد نفق حرب شاملة, مارس/آذار 2015, ما اضطر سميحة إلى إغلاق مكتبها والتوقف عن العمل.
توضّح: “في أكتوبر/تشرين الأول 2015 توقفت عن العمل بسبب الأوضاع التي خلفتها الحرب، وبسبب الحصار كاد التصدير أن يكون مستحيلًا، وخسرت الكثير من العملاء. كانت شركتي قد أغلقت تمامًا، وفضلت أن انتظر إلى أن تتحسن الأوضاع”.
تضيف: “عندما رأيت أن الوضع يتجه نحو التصعيد، حاولت أن أبحث عن حلول تتناسب مع المرحلة التي نعيش”.
ولعشقها البن اليمني الذي رافقها منذ طفولتها، مضت نحو استعادة نشاطها مجددًا. منتصف عام 2017 استعادت سميحة التواصل مع عملائها ولقيت إقبالًا وتجاوبًا رغم صعوبات الشحن.
إلى عُمان أولًا أو السعودية.. بدائل الحرب
تدفع الضرائب مقابل استمرارها تصدير البن في ظل الأوضاع المتردية وصعوبة النقل وارتفاع التكاليف “عند شحن كميات بسيطة أو عينة للتجريب والفحص من قبل المستورد ولكسب ثقته، أحتاج لدفع أضعاف قيمة المنتج نفسه لتصديرها إلى العميل في الخارج”. [رفضتْ الحديث عن سعر البن وأيضًا تكلفة النقل والضرائب؛ معتبرة ذلك من أسرار المهنة.]إقرأ أيضاً سلل صحية للوقاية من كوفيد19 بتعز
توضح “أولًا يتم إرسال البن إلى عُمان أو السعودية برًا [لم تُرسل الشحنات إلى جهات رسمية في البلدين المجاورين بل إلى أشخاص؛ كنوع من إيجاد مخرج]، ومن ثم يتم إرساله إلى العميل في الخارج. إغلاق المطارات والموانئ أعاقت عملية الشحن بشكل مباشر”.
وتتحدى ابنة المتوكل مخاطر النقل برًا، حيث تخضع عبوات البن للتفتيش في النقاط الأمنية ما يؤدي إلى سوء التخزين من حيث عدم الاحتفاظ بالنكهة جيدًا، ولذلك يرجع المنتَج لتعيد إرساله مرة أخرى؛ لضمان جودته. [قالت: للأسف لم يسهل عليّ اسم عائلتي “المتوكل” في صنعاء، وإلى ذلك كان يسبب لي مشاكل وتعقيدات أحيانًا؛ ففي عدن هذا الاسم غير مرحب به, أي شيء من بيت المتوكل يتعرقل أكثر هناك”]إعادة سمعة البن اليمني
تسعى الشابة العزباء مع والدتها التي تعيش في صنعاء لإعادة شهرة البن بعد طغيان شجرة القات على الرقعة الزراعية اليمنية.
“عملتُ في القهوة وفي منتجات كثيرة لكن تخصصت أكثر في القهوة؛ لرغبتي في إعادة سمعة البن اليمني بعد أن شُوهت هذه السمعة من بعض التجار الذين يقومون بخلطه مع بن خارجي ليتم تصديره على أنه بن يمني”, قالت سميحة.
وتشجع المتوكل مواطناتها الدخول في مجال البن بواسطة فتحها فرع المنظمة العالمية لنساء القهوة في الولايات المتحدة الأمريكية, خاص باليمن IWCA-YEMEN (اتحاد نساء القهوة في اليمن) في ١٤ فبراير/شباط ٢٠١٨، لدعم الراغبات في هذا المجال سواء كن مزارعات أو بارستا(*) أو استشاريات في أي مجال في القهوة سواء في الزراعة أو تجارة القهوة وصناعتها .
“أصبحت المرأة اليمنية قادرة على أن تدخل مجال القهوة دون أي معوقات، ومن خلال IWCA-YEMEN أقدم لهن استشارات لكيفية الدخول في هذا المجال”, تؤكد المتوكل.
تضيف: “IWCA-YEMEN أتاح لي فرع المنظمة العالمية لنساء القهوة الخاص باليمن فرصة التعرف على عملاء أكثر خارجيًا والانطلاق بقوة أكبر”.
أن لا أكتفي.. ما زلت أبذل جهدي
الكثير من الشركات الخارجية في أمريكا وأوروبا عرضت على سميحة عديد شراكات لكنها لصعوبة الحصول على الفيزا في الوقت الراهن لا تستطيع السفر إلى تلك الدول.
تكشف: “أطمح أن لا أكتفي بسوق اليمن فقط، وأن أنطلق بسلسلة أعمال خارجية. رغم الأوضاع التي تعيشها البلاد، لكني ما زلت أطمح وأبذل كل جهدي لتحقيق طموحي”.
(*) باريستا كلمة إيطالية ترجمتها صانع القهوة أي الذي يعمل في الكافيهات, ويطلق هذا الاسم على الشخص المتفوق في صناعة القهوة وله ذوق رفيع, وإلى ذلك يمتلك مهارة تحميص البن ولديه قدرة كبيرة في معرفة انواع البن من ناحية مذاقه ونكهاته.
المصدر:المشاهد نت