مانشيتات

العيال كبرت وبتلعب بالنار!

عاصم حمود العنتري

 

 هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها القبض  على غزوان، فقد سبق ودخل  إلى السجن ،ثم خرج منه وكأنه لم يكن مجرماً، وربما سيخرج هذه المرة بطلاً متوجاً ومع مرتبة الشرف، ففي كل مرة يدخل فيها السجن يحضر الهامور الكبير والمربي الأول لغزوان “صادق سرحان” ويتكفل بحمايته ،ثم يغادر السجن كبطلاً لا يقهر!

بينما كان يمارس الولد العاصي “غزوان” عبثه بالمدينة ،كانت تركن السلطة نفسها خارج المشهد وتنفث سيجارتها بعيداً عن الواقع، وكأن ما يحدث في شمال أوروبا وليس في تعز المحاصرة والمكابدة، فتزيد جرائمه يوماً تلو اليوم، دون رقيب عليه فلاسلطة أكبر من القرابة، هكذا تجسد الامر في تعز منذ كبر الولد وأصبح قادراً على حمل السلاح وإدارة أربعة مرافقين بلا أحذية، فيخرج بموكبه ولا يعود الا وقد امتلأت جعبته، وصفى حساباته الإجرامية مع معارضية، حتى أولئك الذين تشاجر معهم أيام طفولته لم ينسهم فأخذوا نصيبهم من غنج الولد وهم ينتظرون رحمته وإنقاذ السلطة المرتجفة لهم.

ما يثير السخرية في الأمر برمته ،هو تفعيل دور السلطة أيام “ابو العباس” وصمتها الكبير على غزوان، رغم أن جميعهم مجرمون وعاثوا في الأرض فسادا، فالأول كان لديه موكب ويمارس الإبتذال والآخر لديه موكب  ويمارس الإبتذال والبلطجة أيضاً، لكن السلطة كانت حينها تتدخل في السياسة واليوم لم تعد تتدخل إلا بعد أن يضيق بهم الولد الملول ذرعاً، وتنتظر أحياناً أن  يكف بنفسه عن جرائمه كي تصدر بيانا تتحدث فيه عن رسوخ المدينة وكون غزوان قد عقل وبطل يرتكب الجرائم من تلقاء نفسه!

وما يثير الضحك أيضاً ،وفي ظل التوتر الأمني في تعز والإقتتال ، كانت تظهر أبواق إعلام السلطة وتتحدث عن الجرائم التي تحدث في إب وعدن ،معتبرين ما يحدث أولاً في المدينة مجرد لعب وشغب وإفراغ لمشاعر مكبوته ولا شأن له في قانون الجرائم، وأن من يتحدث مستنكرا الأمر  هو من يثير الفوضى وليست مراهقة غزوان.

كنا ننتظر دور السلطة منذ بدأت هذه الأعمال ،وكنا نبرر مواقفها في كل مرة، ومع تسلسل الجرائم وفقداننا لعدالتها، سئمنا من رضوخها المخزي، ولم نعد قادرين على تصديق هذه الحملة التي توحي بضعفها داحرة  هيبتها، فكانت ترى الولد مراهق لا أكثر وهي  بالطبع لا تقتل مشاعر الشباب،فاقتصر دور السلطات على مراعاة  رغبات الشباب وأحاسيسهم، فهي لم تأتي الا لتكن حارسة لرغباتهم والا ما فائدة وجودها في الواقع إن لم تكن كذلك!

هكذا يبدو فهم السلطة في تعز لوجود الدولة، ولأن كل الإيحائات كانت تشير لصلة القرابة بين غزوان وأحد القادة المتمترسين على المدينة “صادق سرحان” فلقدجعلتنا نترقب مدى قدرة الدولة على كسر الوساطة وفضح اللصوص ولكنها كانت أكثر جبناً وأبقت الأمر في درج الوساطة، وكان كل ما استطاعت قوله “العيال كبرت ياصادق وبتلعب بالنار” وهكذا أصبحت المدينة تحت رحمة المراهقة وجبن وضعف السلطة.

وبعد توتر المدينة وتضاعف حدة القلق بين الناس ،وحين رأت السلطة ان لا ملجأ  لها إلا بامتصاص هذا الغضب الشعبي ، كلفت نفسها أخيراً للقبض عليه، كي تبدو حامية الديار وبطلة الفلم الذي لم تنتهي  أجزائه بعد، فيدخل غزوان السجن كما دخله أول مرة، وسيخرج شامخاً بموكبه ليبحث عن فريسة جديدة يقتص منها ،ليعود الفساد وتعود المراهقة مرة أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق