قال محمد بوطالب رئيس مؤسسة الأمير عبد القادر الجزائري، وأحد أحفاد الأمير المقاوم الشرس للاحتلال الفرنسي في الجزائر في القرن 19، “نرفض تشييد تمثال للأمير بفرنسا”.
وبرر موقفه باعتباره أن فرنسا غير جديرة بهذا التشريف وهي التي سجنته واحتجزته كرهينة”.
وسبق ذلك إطلاق عتيقة بوطالب إحدى حفيدات الأمير المقاوِم الجزائري عريضة إلكترونية لرفض إقامة التمثال بفرنسا قائلة “لا لتدنيس الاسم ومكانة الأمير عبد القادر من قبل الدولة الفرنسية التي حنثت بالعهود”.
وأوضحت في العريضة بأن “الأمير ليس تراثا لا وريث له، إنه مِلك للجزائر والشعب الجزائري ولكل الشعوب التي قاومت المشاريع الاستعمارية”، مضيفة أن المقترح الفرنسي بتشييد التمثال يعد محاولة “اختطاف جديدة”.
موقف محمد بوطالب وعتيقة بوطالب يأتي بعد صدور تقرير المؤرخ الفرنسي، من أصل جزائري، بنجامان ستورا وتسليمه إياه في 20 يناير لرئيس بلاده إيمانويل ماكرون والذي اقترح فيه تشييد تمثال للأمير عبد القادر في فرنسا كإحدى خطوات تصالح باريس مع ماضيها الاستعماري في الجزائر ومع الجزائريين. غير أن الجزائريين اعتبروا مضمون التقرير لا يفى بالحد الأدنى مما يطالبون به باريس منذ الاستقلال سنة 1962 ولا يأخذ بعين الاعتبار مشاعرهم ومصالحهم.
وأضاف محمد بوطالب من جهته قائلا لقد “أعددنا عريضة إلكترونية لجمع توقيعات لرفض المقترح الوارد في التقرير الفرنسي (..) لأنه يصب في صالح فرنسا وليس الجزائر” موضحا بأن “اسم الأمير الجزائري معروف عالميا ومكانته السياسية والنضالية لا تحتاج إلى تمثال في فرنسا التي احتلت بلاده 132 عاما”.
كان الأمير عبد القادر الجزائري (1808 – 1883)، الذي قاد المقاومة الجزائرية للاحتلال الفرنسي لمدة 17 عاما خلال النصف الأول من القرن 19، قد تعرض لخيانة القادة الفرنسيين بعدما اتفق معهم على الرحيل عن البلاد إلى منفاه الاختياري في بلاد الشام بعد انهيار قواته في سنة 1847 مقابل تسليم نفسه وكبار مساعديه. إلا أن الفرنسيين نكثوا العهد، وسرعان ما اقتادوه إلى فرنسا عنوة وسجنوه وأسرته وكبار قادته لمدة 5 سنوات في قصر أمبواز، ومنهم من مات ودُفن في باحة القصر وقبورهم موجودة إلى اليوم بداخله، قبل أن يتم الإفراج عنهم جميعا والسماح لهم بالرحيل إلى دمشق حيث قضى الأمير بقية حياته.
ولم يكن الأمير عبد القادر قائد مقاومة شعبية للاحتلال وخبيرا فذا في الشؤون العسكرية فحسب بل كان قبل ذلك شاعرا وفقيها ومفكرا متصوفا وكاتبا ترك العديد من المؤلفات الأدبية والروحية. واكتسب سمعة دولية كبيرة جعلته صديقا لكبار الشخصيات الأوروبية والأمريكية خلال النصف الثاني من القرن 19، بعضهم ألف عنه الكتب والمقالات، مثلما سُميت لاحقا باسمه مدينة في الولايات المتحدة الأمريكية وهي مدينة “القادر” (El Kader).
بعد استقلال الجزائر في 1962، نُقلت رفاة الأمير عبد القادر إلى بلاده، بالتعاون مع الحكومة السورية، حيث أعيد دفنه في مقبرة العالية بمدينة الجزائر في مربع الشهداء والأبطال. وما زال أحفاده إلى اليوم منتشرين بين الجزائر وبلاد الشام وسوريا على وجه الخصوص.