تقارير

شابة يمنية.. أوقفت الحرب وظيفتها فتحولت لسيدة أعمال

سارة الخباط

لم تتوقع الشابة اليمنية أسماء شهبين (27 عاما)، بكالوريوس إعلام، أن يحصد مشروعها التجاري كل ذلك النجاح بعد افتتاحه في أحد مراكز التسوق في صنعاء.

“ملابس نسائية أنيقة ذات جودة عالية”، هذه هي فكرة “المتجر التركي”. في البداية، أطلقت أسماء مشروعها عبر الإنترنت عام 2017م، وقد حظي بإقبال كبير وظلت تعمل من المنزل عبر مجموعات واتساب تضم صديقاتها وصديقات صديقاتها، وتقوم بنشر صور المنتجات في المجموعة وهن يتواصلن بها ويشترين منها، ثم انتشر مشروعها أكثر فأكثر. لم تكن أسماء تسعى فقط إلى الربح المادي، بل تطمح أيضا إلى عمل خط إنتاجي خاص بمتجرها وأن تصل لجميع الشرائح داخل اليمن.

تقول أسماء: “الفكرة بدأت في ظل استمرار الحرب في اليمن وتوقف الأعمال وانعدام الوظائف. قبل الحرب كنا موظفين نعتمد على أجورنا اليومية حيث كنت أعمل مع شركة نفطية، بعدها عملت مع قناة فضائية أخذت خبرات منهم، ولم يكن في بالي تأسيس مشروع خاص بي أبدا في يوم من الأيام”.

تضيف أسماء: “لكن عندما توقفت عن العمل لفترة، فكرت في أن أعمل لي مشروع صغير بدلا من ان أكون مرهونة بالوظيفة، فخطرت المبيعات ببالي لأني سافرت إلى دبي وأحضرت معي عبايات وجلابيات فلاحظت الإقبال عليها، بعدها فكرت: لماذا لا أطور الفكرة وأقوم بإحضار بضاعة مرة ثانية. تعرفت على تجار في تركيا، ونسقت معهم لاستيراد بضاعة وأطقم نسائية وكنت أضعهم عند صديقة معها محل في مول تجاري، وما شاء الله مشيت البضاعة وبعت الكمية كاملة. بعدها كنت أشتغل أونلاين، ومن ثم طورت الفكرة وعملت لي متجر جديد الحمدلله”.

مشروع بيع ملابس أون لاين حاليا يعتبر من أكثر المشروعات المنتشرة في الفترة الأخيرة بشكل كبير. خاصة أن الملابس بأنواعها هي من السلع الاستراتيجية التي نستخدمها جميعًا وهنالك رواج كبير للملابس التركية كونها ذات جودة وخامات ممتازة.

تواصل أسماء حديثها: “البيع عبر الإنترنت صعب جدا فالزبون يحتاج يقيس البضاعة ويمسكها يشوف خامتها وجودتها وهنا في اليمن نحن غير متعودين على هذه الطريقة في الشراء، لذا واجهت صعوبات كبيرة في هذا، لكني كنت أضطر أن أعطي ضمانات للزبائن أنهم يستطيعون استرجاع عربونهم كامل إذا وصلتهم البضاعة بخلاف ما طلبوه أو كانت ذات جودة سيئة أو لم تكن مطابقة لما في الصورة”.

بحلول 2019م استطاعت أسماء فتح متجر صغير لها في مول تجاري في صنعاء. أصبح الوضع أفضل بكثير بالنسبة لها، حيث أصبح بإمكان الزبائن زيارة متجرها ورؤية البضاعة وقياسها وفحصها والاقتناع بها وأخذها.

تسببت الحرب الدائرة في البلاد منذ 6 سنوات، بحسب تقرير صادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، في فقدان خمسة ملايين عامل وعاملة وظائفهم، فيما يقدر اتحادعمالاليمن نسبة من فقدوا أعمالهم بنحو 80% من حجم القوى العاملة في البلاد.

وبالرغم من ذلك، كانت الحرب هي الدافع الأكبر لـ أسماء والعديد من النساء اليمنيات في الانطلاق بمشاريعهن وفتح آفاق جديدة للعمل إما من داخل المنزل، أو بالالتحاق ببعض المهن كعاملات في المطاعم مثلا أو بائعات في متاجر أو مصممات ازياء، وغيرها من المهن التي لم تكن تمارسها المرأة اليمنية. وأصبحنا نشاهد ونسمع كل يوم عن رائدات يمنيات كثيرات في مجال الأعمال. على سبيل المثال المشروع الذي أطلقته صفاء الأغبري صاحبة مشروع (صافي عباية) الذي انطلق عام 2016 كأول مكتب لتصميم العبايات بشكل عصري على يد مصممة أزياء يمنية.

تؤكد أسماء أن الحرب كانت نهاية الوظيفة وبداية التحرر والانطلاق بمشروعها: “أنهت الحرب الدوام والاستعباد والتعب مع الناس ليل نهار دون تقدير، هم يكبروا وتكبر أعمالهم بفضلنا ونحن نظل كما نحن، صحيح أني أعاني صعوبات كثيرة بسبب الحرب، مثل تأخر وصول البضاعة التي أطلبها إلى شهر وأكثر، وجمركة البضاعة مرتين نتيجة تعدد السلطات في اليمن”. والمشكلة الأكبر بالنسبة لـ أسماء، هي اختلاف سعر الصرف في اليمن بين يوم وآخر، “حيث أنني أضطر لمواكبة أسعار الصرف في البيع، لكن الزبون يرى المبلغ كبير جدا بالدولار مما يجعل أغلب الزبائن لا تقبل السعر. والمشكلة ليست في السعر وإنما في اختلاف أسعار الصرف”.

توضح أسماء أنها تحاول توفير بضاعة متفاوتة في السعر، بحيث تكون متاحة لفئات كثيرة، كما تقوم بعمل العديد من الخصومات والمسابقات بين فترة وأخرى بحيث تتيح فرصة لامتلاك البضاعة لمن لا يستطيعون شرائها بسعرها الأصلي.

وفقاً لإحصاء أجرته منظمةالعملالدولية في 2013-2014، شاركت 6% فقط من النساء في القوى العاملة، بينما كانت 7% فقط من الوظائف تشغلها النساء. عام 2013، تم ربط مستويات التعليم العالي بزيادة مشاركة النساء في القوى العاملة، حيث كانت نسبة 62.1% من النساء الحاصلات على تعليم جامعي يشكلن جزءاً من القوى العاملة في اليمن، مقارنة بـ 4.5% فقط من الحاصلات على تعليم ابتدائي أو أقل.

وعن كيف تقوم أسماء بالتسويق لبضاعتها، تقول: “أعتمد على الإعلانات الممولة ومنصات السوشل ميديا في التسويق، حيث أمتلك مجموعة خاصة عبر الفيسبوك فيها

تطمح أسماء إلى أن تصل لأكبر شريحة في اليمن ويكون لديها منتجات ذات أسعار تناسب الجميع، وأن يصبح اسم متجرها إسم معروفا مثل الماركات العالمية، فقد بدأت بعمل خط انتاجي في تركيا خاص بمتجرها تقوم من خلاله بوضع التصاميم وتوصل البضاعة لها حصريا.

وعن جائحة كورونا وكيف أثرت على أسماء، تقول: “أثرت أزمة كورونا بشكل كبير على مشروعي، فقد طلبت بضاعة وبسبب إغلاق المنافذ تأخر وصولها أربعة أشهر، أيضا تناقصت حركة الناس في التسوق، وأغلقوا علينا المحلات في المواسم مثل شهر رمضان الماضي، لكن بإذن الله الأوضاع تتحسن ويكون كل شيء متاح لنا ومتوفر فنحن مستمرين، وسأكافح من أجل تقديم خدمة مميزة وتحسين الذوق العام للجميع، وعندي أمل أن الوضع هذا سوف يتغير والحرب ستنتهي بإذن الله”.

 

*المصدر:المشاهد نت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق