قال السياسي اليميني المتطرف خيرت فيلدرز إنه سيرفع قضيته إلى المحكمة الهولندية العليا بعد أن خسر الطعن الذي تقدم به ضد إدانته بإهانة المغاربة كجماعة تعيش في بلاده.
وقال فيلدرز إن هولندا قد أصبحت بلدا فاسدا؛ حيث يمكن أن يُدان زعيم أكبر حزب سياسي معارض في محاكمة سياسية لمجرد تقديمه تساؤلات، واسعة الانتشار في بلاده، بشأن المغاربة.
وكانت محكمة في أمستردام قد برأته من التهمة الثانية المتعلقة بالتحريض على الكراهية والتمييز.
وقال رئيس لجنة القضاة في المحكمة إن فيلدرز قد تمادى كثيرا في حملته الانتخابية قبل ست سنوات عندما ظهر مع أنصار له يرددون أنهم يريدون تقليل عدد المغاربة في هولندا.
وخلص القاضي إلى أن ذلك جرى لتحقيق منفعة سياسية وليس للتمييز ضد المغاربة.
فمن هو فيلدرز ولماذا جعل من قضية عداء الإسلام والمهاجرين قضية مركزية في نشاطه السياسي؟
شعبوي يميني
يُعرف فيلدرز بأنه سياسي هولندي شعبوي، يرأس حزبا قوميا ينتمي إلى اليمين المتطرف هو حزب من أجل الحرية، الذي يعد ثاني أكبر حزب تحت قبة البرلمان الهولندي.
ويعد فيلدرز الذي يعيش تحت حراسة مشددة توفرها الشرطة الهولندية، شخصية مثيرة للجدل تتباهى بأنها تخوض حربا ضد الهجرة و ما يسميه “أسلمة هولندا”، وقد تعرض للمحاكمة أكثر من مرة بتهم التحريض والتمييز ضد جماعات عرقية ودينية.
ولد في فيلدرز في مدينة فينلو الهولندية في عام 1963 من أب هولندي وأم ولدت في أندونيسيا، ونشأ في هذه العائلة التي تدين بالمسيحية الكاثوليكية قبل أن يعلن إلحاده في مرحلة لاحقة من عمره.
بعد تخرجه من الثانوية قرر فيلدرز السفر لرؤية العالم، وأراد الذهاب إلى استراليا لكنه لم يكن يمتلك المال الكافي لذلك؛ لذا اختار الذهاب إلى إسرائيل حيث عمل هناك لأكثر من سنة، كما زار بعض الدول العربية المجاورة. وقد كان لرحلته تلك أثر كبير في أرائه السياسية لاحقا.
بدأ فيلدرز حياته السياسية بالعمل في كتابة الخطابات في حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية، وتدرب تحت رعاية زعيم الحزب، فريتس بولكستاين، حتى أصبح مساعدا برلمانيا له في الفترة من 1990 إلى 1998.
ونجح في الحصول على عضوية مجلس النواب في عام 1998 ممثلا عن حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية ذي التوجه الليبرالي المحافظ، لكنه ما لبث أن أعلن انفصاله عن الحزب إثر خلاف بشأن موقفه من انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2004.
وفي عام 2006 أعلن تأسيس حزبه الخاص اليمني المتطرف “من أجل الحرية” الذي نجح في الحصول على تسعة مقاعد برلمانية في الانتخابات في العام نفسه.
ونجح في انتخابات عام 2010 في رفع عدد مقاعده إلى 24 مقعدا ليصبح ثالث أكبر حزب تحت قبة البرلمان. ولكنه تراجع في الانتخابات العامة في عام 2014 ليحصل على 15 مقعدا فقط وليخسر تسعة من مقاعده.
وعاد الحزب ليصبح حزب المعارضة الرئيسي وثاني أكبر حزب في التمثيل البرلماني بعد حصوله على 20 مقعدا في انتخابات عام 2017.
كما جاء الحزب ثانيا في انتخابات البرلمان الأوروبي عام 2014 بحصوله على 26 مقعدا فيه.
استثمار سياسي للعداء للإسلام
بات فيلدرز معروفا بسياساته الشعبوية وتعمده إثارة قضايا خلافية ليظل دائما تحت الأضواء، وهي في الغالب موجهة ضد الإسلام والمسلمين.
وقد تعرض للمحاكمة غير مرة بتهم تتعلق بالتحرض ضد جماعات عرقية ودينية. وكان أخرها تلك التي قضت محكمة هولندية الجمعة برفض الطعن الذي تقدم به ضد قرار محكمة سابق أدانه بتهمة إهانة جماعة عرقية، لكنها برأته من تهمة التحريض على الكراهية والتمييز.
وكانت محكمة هولندية قد أدانته في عام 2016 في أعقاب تقدم نحو 6400 شخص بشكاوى للشرطة ضده لتصريحات أدلى بها أثناء حملته خلال الانتخابات المحلية في لاهاي.
وفي ذلك التجمع الانتخابي سأل فيلدرز أنصاره عما إذا كانوا يريدون مغاربة أكثر أم أقل في هولندا؟، والذين هتفوا “أقل .. أقل”، فابتسم قائلا: “سنعمل على تحقيق ذلك”.
وقد خلص قضاة المحكمة إلى أنه على الرغم من أن هذه الهتافات كانت مهينة، إلا أن فيلدرز أثارها لأغراض سياسية، الأمر الذي لا ينحدر إلى مستوى اعتباره تحريضاً على الكراهية والتمييز.
وعلى الرغم من أن المحكمة الأخيرة برأت فيلدرز من تهمة التحريض على الكراهية والتمييز، ولم تحكم بسجنه أو دفعه غرامة قدرها خمسة آلاف يورو، كان قد طالب الإدعاء العام، إلا أنه قرر الطعن من جديد بتأييدها حكم المحكمة السابق بإدانته بتوجيه إهانة الى المغاربة كجماعة عرقية أمام المحكمة الهولندية العليا.
وسبق لفيلدرز أن هاجم المغاربة في هولندا أيضا في عام 2016 عندما وصف بعضهم بأنهم “حثالة”، لكنه أكد أنه لا يستطيع تعميم هذه الصفة على جميع المغاربة.
وترى مراسلة بي بي سي أنا هوليغان إن حكم الإدانة لن يضر كثيرا بطموحات فيلدرز السياسية، ففي الواقع قدمت المحاكمة للزعيم الشعبوي عنصرين حيويين يتعطش حزبه لهما، وهما: منصة للترويج لرسالته السياسية و اهتمام كبير من وسائل الإعلام. إذ ظل يردد في المحكمة تحذيرات من ما يراه مخاطر الإسلام والهجرة.
وتضيف :وجد العديد من أنصاره في المحاكمة مناسبة لتأكيد إيمانهم بأن فيلدرز قائد شجاع مستعد للوقوف نيابة عنهم لطرح قضايا حساسة تخشى النخب السياسية من الحديث فيها.
وكان فيلدرز قد حوكم في العام 2011، على تصريحات معادية للإسلام كمقارنته الدين الإسلامي بالنازية والدعوة إلى فرض حظر على القرآن. وقد تمت تبرئته ونظر على نطاق واسع إلى القضية على أنها أعطت الزعيم الشعبوي دعماً دعائياً.
كما انتج فيلما قصيرا تحت عنوان “فتنة” عرض على الإنترنت في عام 2008 حاول فيه الربط بين الدين الإسلامي والقرآن والإرهاب، وقد أثار عند عرضه انتقادات وضجة كبيرة.
وفي حادثة أخرى أثار فيلدرز أزمة مع الأردن عندما دعا الحكومة الهولندية إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وإطلاق تسمية فلسطين على الأردن لتكون وطنا بديلا للفلسطينيين.
كما أثار أزمة أخرى مع المملكة العربية السعودية عندما وزع ملصقات أواخر عام 2013 تشبه العلم السعودي، ولكنه استبدل عبارة “لا اله الا الله” بعبارات مسيئة للإسلام.
وتعهد الزعيم السياسي الهولندي المعارض بفرض حظر على هجرة المسلمين إلى هولندا وإغلاق المساجد في البلاد إذا فاز برئاسة الوزراء.