تاتشات

“ما وراء الطبيعة”.. ما الذي أضاعه عمرو سلامة من روايات أحمد خالد توفيق الأصلية؟

محمد عادل

بزعم الرؤية الفنية قام عمرو سلامة بصفته صاحب الرؤية الإبداعية لمسلسل “ما وراء الطبيعة” المأخوذ من سلسلة تحمل الاسم نفسه للكاتب الراحل الدكتور أحمد خالد توفيق بتغيير أحداث الروايات الأصلية، وهي 5 قصص أصلية تم تحويرها ودمجها، لتكوين عمل متصل على مدار 6 حلقات مع خلق عدو رئيسي للشخصية.

التغيرات التي استحدثها سلامة وفريقه في المسلسل منذ بدايته لاقت استحسان عدد من قراء السلسلة المخضرمين، بينما غضب منها آخرون لتشويه الأعمال الأصلية وعدم الوصول لعمق الأحداث، بل إن هناك روايات تم هضمها بالكامل لصالح الرؤية الفنية.

اختلافات محورية

من أهم الاختلافات المحورية هي شخصية شيراز، فـ”البيت” نفسه في أسطورة البيت كان هو الشر ولم تكن روحا لفتاة صغيرة تسكنه، فشيراز في الرواية زرقاء العينين لا تتألم وعندما شُجّت في رأسها لم تظهر أية دماء ودارت الجرح الطولي بشعرها وأكملت اللعب بصورة طبيعية.

في القصة الأصلية يعود رفعت وأصدقاء الماضي لمحاربة شر البيت مرة أخرى، في لقطة تشبه رجوع أبطال رواية “الشيء” للأميركي ستيفن كينج بعد نضجهم، ومحاربة الشر الموجود في مدينتهم الصغيرة، وتنتهي رواية أسطورة البيت الرئيسية بإحراق البيت نفسه حتى ينتهي شره للأبد.

من الاختلافات الرئيسية الأخرى أن رفعت إسماعيل من قرية وهمية ابتكرها أحمد خالد توفيق تدعى كفر بدر، ولكنهم في المسلسل جعلوا أصل الشخصية من الشرقية لأسباب مجهولة حتى الآن! كما أن رئيفة شقيقة رفعت لم تكن من سكان القاهرة ولكنها قروية تقطن في البلدة نفسها التي تقطنها عائلتها وشقيقها رضا.

هويدا وماجي

هويدا خطيبة رفعت في المسلسل والرواية لم تكن ابنة خاله ولكنه تعرف عليها عن طريق أحد أصدقائه، ولم تكن بهذه الرقة البالغة، بل على العكس كانت في الرواية تمثل النموذج المصري التقليدي المنفر لشخصية رفعت، وهو ما جعلهما لا يتوافقان.

إن كانت ماجي تمثل لرفعت كل ما يحلم به، إذ وصفها بالرقيقة الهادئة التي تمشي على العشب فلا تثني منه شيئا، فإن هويدا تمثل الواقع الذي ينفر منه رفعت، وهذا لا يعني أنها مكروهة ولكنها النموذج الذي لا يفضله رفعت.

ومع دمج الشخصيتين في عدة روايات، كان يجب تقديم هذه الثنائية كما يجب أن يكون، ولكن لسبب مجهول لم يتم تقديمها بالشكل المناسب وصارت تلك الثنائية شخصيتين أنثويتين تتصارعان في هدوء على رفعت دون أسباب قوية أو منطقية.

العساس والجاثوم

تجسيد الوحوش في المسلسل كان في أسوأ حالاته فالعساس الذي أرعب رفعت إسماعيل في رواية أسطورة حارس الكهف، والذي رفض رفعت وصفه لبشاعته وشناعته، تحول إلى غوريلا عملاقة تقطن الصحراء.

الجاثوم أحد أقوى وأكثر وحوش عالم روايات ما وراء الطبيعة رعبا، تحول لشخصية كارتونية، كما أن الرواية لم يكن رفعت بطلا لها، ولكنه كان خطابا من أحد متابعيه بعد أن زادت شهرته في عالم ما وراء الطبيعة، أما هويدا خطيببته السابقة في هذا التوقيت فقد تزوجت عقب انفصالها عن رفعت، ولكنها كانت موجودة في هذه الرواية هي وزوجها.

لوسيفر

شخصية لوسيفر لم تكن ظهرت في أحداث الروايات الخمس وربطها بالأحداث كان تدخلا جيدا ولكن ظهور الشخصية نفسه جعل قراء السلسلة المخضرمين ينقسمون حول هذا الظهور فمنهم من أحبه بشدة والبعض الآخر لم يتقبل الممثل ولا ظهوره بهذه الطريقة.

لوسيفر هو العدو الرئيسي والأكبر الذي واجهه رفعت إسماعيل ودائما ما تكون أوصافه مطلقة وأنه يقبض الروح من لحظة ظهوره، بينما كان حضوره خفيفا للغاية في المسلسل خاصة في أسوأ حلقات المسلسل باتفاق الجميع -من أحبوا المسلسل ومن كرهوه- وهي الحلقة الثالثة أسطورة حارس الكهف.

صراع الرؤى

يقول دكتور توفيق في كتابه خواطر سطحية سخيفة: أي فيلم يقدم عن رواية شهيرة لا يروق لقراء الرواية حتى لو أخرجه (ستانلي كوبريك) نفسه، لكنه بالطبع يروق جدا لمن لم يقرؤوا الرواية.

الحقيقة أنه بنسبة كبيرة ينطبق هذا الأمر هنا على مسلسل “ما وراء الطبيعة”، فقد راق المسلسل بشدة لغالبية المشاهدين من خارج إطار القراء، بالإضافة إلى نسبة قليلة من قراء السلسلة المخضرمين. أما الغالبية من القراء فهم يرون التفاصيل الناقصة والحلقات المختلفة والشخصيات المتغيرة، وهو ما يؤرقهم بشدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق