أخرى

الحوثيون وإيران: إرتباط وثيق وتبعية عمياء

مانشيت-خاص

على ضوء مستجدات الأحداث الأخيرة ،من غير الممكن بتاتا، التقليل من طبيعة العلاقة بين الحوثيين وإيران ، أو التشكيك في وجود أية روابط تجمعهما بل أن الأمر تعدى الإرتباط لتغدو تبعية عمياء من قبل الحوثيين لإيران وحكم الملالة .

بداية استقطاب إيران للحوثيين

بعد ثورة إيران عام 1979م، بدأت السفارة الإيرانية في الثمانينات بتقديم دعوات لشباب يمني لزيارة إيران والتعرّف على تجربة الثورة الإيرانية، واجتذبت بالفعل الكثير من الشباب الزيدي أبرزهم محمد عزان وعبدالكريم جدبان وحسين الحوثي مؤسّس الحركة الحوثية، وكذلك زارها بعض علماء الزيدية مثل بدر الدين الحوثي والد حسين المؤسّس وعبدالملك القائد الحالي للجماعة.

بدأت خطب حسين الحوثي تجمع حوله انصار واتباع وتمثل هذه الخطب المرجعية الفكرية للحوثيين كما توضح حجم تأثره الفكري بنموذج الثورة الإيرانية وفكرة القيادة السياسية ذات المشروعية الدينية. وعادة كان يستشهد بالإمام الخميني ويقدمه كنموذج لمقاومة الاستعمار والصهيونية وكذلك حسن نصر الله، وفي ذات الوقت يعتبر عداوة صدام حسين أو اسامة بن لادن لأمريكا واسرائيل مجرد تضليل لحرف انظار الأمة عن قيادات المقاومة الحقيقية. ثم بدأ استعارة بعض شعارات الثورة الإيرانية مثل الموت لأمريكا والموت لإسرائيل. بالطبع من الضروري معرفة الفارق بين الإمام الخميني الذي كان عالم ديني كبير بينما حسين الحوثي صاحب معرفة دينية وثقافية متواضعة جدا، وهذا يظهر من الفارق الكبير في اداء الخطب وطريقة طرح الافكار.

بدأت المواجهة المسلحة بين الحوثيين وقوات الدولة اليمنية عام 2003م، ومنذ الجولة الرابعة للحرب عام 2007م بدأت تظهر تأثيرات حزب الله بشكل تدريجي على اساليب قتال الحوثيين. وبدأت تظهر تسجيلات فيديو فيها عمليات عسكرية للحوثيين تماثل تلك التي كان يقوم بها حزب الله ضد اسرائيل. اضافة إن تركيبة الحركة من الداخل يماثل نظيره حزب الله مثل المكتب السياسي للقيادة وكذلك الشكل التنظيمي للتيار العسكري للحركة. كل هذا يعزز من حقيقة إن الحوثيين على تواصل مع حزب الله وتلقوا تدريبا من قبل حزب الله.

واثناء حروب صعده اصدر علماء الزيدية في 18 من شهر مايو 2004م بيان يقول إن الحوثية حركة لا تنتمي للزيدية بأي حال، وكان ابرز الموقعين العلامة الزيدي أحمد محمد الشامي الذي انضم للحركة الحوثية منذ عام 2011م ، مما يوضح إن غالبية الموقعين عن البيان كانوا يحابون السلطة وليس موقف يعبر عن موقف عقائدي حقيقي.

لا شيء يثبت ما يشاع إن الحوثية حركة تحولت للإثنا عشرية عقائدياً لكنها حركة زيدية متشددة في موقفها تجاه السنة، وهو تيار الجارودية الزيدي والذي يعتبر تيار زيدي هامشي تاريخياً في اليمن. هذا لا يمنع عملية تحول الكثير من اليمنيين من زيود للاثنا عشرية بسبب ضعف المرجعية الدينية الزيدية بعد ثورة سبتمبر 1962م في الشمال.

تكشف الحضور الإيراني العلني في اليمن

بعد أحداث 2011م بدأت إيران بتكثيف حضورها باليمن من خلال دعوة نشطاء وشباب الثورة لزيارة إيران أو عقد بعض المؤتمرات المتعلقة بالثورة اليمنية في بيروت. ثم بعد توقيع المبادرة الخليجية في فبراير 2012م صار الحوثيون الفصيل المعارض، لأنه رفض المبادرة التي لم تشمله وكانت اتفاق سياسي بين الحزب الحاكم (حزب المؤتمر الشعبي العام) وأحزاب المعارضة (احزاب اللقاء المشترك)، لكن هذا لم يمنع الحوثي من المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الذي كان يعد ضمن العملية الانتقالية التي أقرتها المبادرة.

بعد انتهاء الحوار في يناير 2014م بدأت البلاد تدخل في حالة جمود سياسي وحدث تململ شعبي جراء تدهور الخدمات وضعف اداء الحكومة ورئيس الدولة، مما اعطي للحوثيين مساحة جيدة للتحرك والمعارضة.

سرعان ما بدأت البلد تدخل في أزمة سياسية حادة منذ معارضة الحوثي للجرعة السعرية الزائدة للوقود باليمن بعد اسقاطه لمحافظة عمران المحاذية للعاصمة صنعاء في يوليو 2014م، بعدها بدأوا اعتصاماتهم المسلحة داخل وحول العاصمة. ثم بدأت تجري المفاوضات بين الحكومة والجماعة الحوثية للوصول لإتفاق ولعبت فيه سلطنة عمان دور الوسيط وصرّح بعدها المستشار السياسي للرئيس عبدربه منصور الدكتور عبدالكريم الإرياني إنه لم يكن يتم اقرار أي اتفاق أو ورقة دون الرجوع لطهران.

يصعب انكار التدخل الإيراني في تلك المفاوضات حيث كانت تتصور إيران إن الحوثي سوف يلعب ذات الدور الذي يلعبه حزب الله من خلال اتفاق السلم والشراكة حيث يتحكم بالعملية السياسية دون أن يتحمل مسؤولية الحكم بمفرده.

 

إيران تستخدم الحوثيين كورقة تحارب بها السعودية بالوكالة

 

أول مهمة قام بها الحوثي بعد اسقاطه صنعاء هو محاصرة مبنى الأمن السياسي للإفراج عن المعتقلين بذمة قضية ما يعرف بالسفينة جيهان التي قالت الحكومة اليمنية إنها سفينة إيرانية محملة بالأسلحة للحوثيين. ترافق هذا مع اعلان مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني علي رضا زاكاني بإن صنعاء رابع عاصمة عربية تقع تحت النفوذ الفارسي. رغم ذلك استمر انكار الحوثي المستمر لأي علاقة بينه وبين إيران حتى إغلاق السعودية  لسفارتها باليمن ووقف طيرانها المدني مع اليمن في فبراير 2015، حينها اعلن الحوثي عن رحلات جوية مرتين خلال اليوم بين صنعاء وطهران، ليصبح من الصعب انكار علاقته بإيران.

هذا أدى لتوتر الوضع مع السعودية خاصة في الأيام الأخيرة قبل التدخل العسكري السعودي عندما قام الحوثيين  بمناورة عسكرية  على الحدود مع السعودية في مارس 2015م، لكن هذا لا يعني إن طبيعة العلاقة بين الحوثيين لأنهم جماعة شيعية زيدية مغلقة تماماً مع السعودية، لأن السعودية في الستينيات دعمت نظام الإمامة الزيدية ضد النظام الجمهوري المدعوم من مصر حينذاك.

كما لاتزال هجمات الحوثيين على أراضي المملكة ،بواسطة طائرات مسيرة ،وصواريخ وأسلحة إيرانية الصنع مستمرة حتى اللحظة.

 

شواهد العلاقة بين الحوثيين وإيران

من الصعب تجاهل كل الشواهد والأدلة التي تشير إلى وجود علاقة بين الحوثيين وإيران سواء على مستوى الشعارات والخطاب أو على المستوى العملي وابسطها الرحلات الجوية بين صنعاء وطهران مرتين في اليوم، في وقت لا تربط بين البلدين أية علاقات تجارية أو اقتصادية أو اجتماعية تذكر.

كما أن شعارات الحوثي وخطابه في إنه يحارب قوى الامبريالية والاستعمار إلا إن تحركاته العملية تقول إنه ليس إلا قوة عسكرية تسعى للسيطرة على الحكم منفرداً باليمن، ورغم خطابه المعادي لأمريكا فهو أبدى حسن نية للتعاون معها في مكافحة الإرهاب .

ولايخفى عن الشارع اليمني  حفل التخرج الذي أقامه الحوثيون لدفعة اللغة الفارسية والذي كللوا أسم الدفعة فيه بإسم قاسم سليماني قائد فيلق القدس والقيادي الإيراني البارز.

وأخيرا إعلان إيران الأخير بتعيين سفيرا لها  في العاصمة صنعاء ،رغم الإستياء الشعبي الواسع  والتساؤلات حول تورط الأمم المتحدة  بعملية تهريب  السفير الإيراني  الى اليمن ، الا ان الحوثيين لم يلقوا بالا لكل هذه الأمور بل أعلنوها صراحة ، غير آبهين بردود الفعل  الغاضبة  سواء محليا او اقليميا، ناهيك عن حضور السفير الإيراني  برفقة حراسة مشددة في احتفالات المولد النبوي والذي أقامها الحوثيون بأموال الشعب وموظفي الدولة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق